الهجر يكون في الفراش، بمعنى أن الزوجين يضمهما فراش واحد مع ترك معاشرتها، لقوله تعالى: ''واهجروهن في المضاجع''، من الهجران والبعد والهجر في المضاجع هو ألا يضاجعها الزوج ويوليها ظهره ولا يجامعها، فإن كانت محبة للزوج فذلك يشق عليها فترجع للصلاح، وإن كانت مبغضة فيظهر النشوز منها فيتبين أن النشوز من قبلها• وهذا الهجر غايته عند العلماء شهر، كما فعل رسول الله صلي الله عليه وسلم، حين أسر إلى زوجه حفصة بأمر فأفشته إلى عائشة وتظاهرا عليه•
كما أن الهجر مفيد بترك المضاجعة فقط لا ترك الكلام معها مطلقاً، لكن بعض الأزواج يترك حجرة النوم أو البيت عند الغضب، وهذا يعتبر هجراً للمضجع وليس هجراً للزوجة في المضجع• فالهجر الذي شرعه الله تعالى هو قد يثير الرغبة في العتاب المضيق لهوة الخلاف بينما هجر المضجع إلي بيت الأب أو الأم قد يثير الرغبة في العتاب الدامي الموسع لشقة الخلاف، إذ يجد كل من الزوجين بعداً عن الآخر•
أما بالنسبة للحكمة من الهجر، فإنها تذكر المرأة بالمقدرة التي توجب للزوج الطاعة في أعماق وجدانها، وهي مقدرة العزم والإرادة والغلبة على الدوافع الحسية، وبهذه المقدرة يستحق الرجل من المرأة أن يطاع فلا تشعر بالغضاضة من تسليمها له بهذه الطاعة•• فأبلغ العقوبات هي التي تصيب الإنسان في غروره وتشككه في أساس كيانه•
والمرأة تعلن أنها ضعيفة إلى جانب الرجل ولكنها لا تأسى طالما تعلم أنها فاتنة له وأنها غالبته بفتنتها وقادرة على تعويض ضعفها تبعث فيه من شوق إليها، فليكن له ما شاء من قوة، فعزاؤها الأكبر ضعفها وفتنتها لا تقاوم، فإذا قاربت الرجل مضاجعة له وهي في حالاتها إغراء بالفتنة ثم لم يبالها فما الذي يقع في وقرها؟ إنها تشك في أنوثتها وترى الرجل في أقدر حالاته جديراً بهيبتها وإذعانها•• فهذا تأثير نفسي وليس بتأديب جسد ولن يبطل العصيان بشيء، كما يبطل بإحساس العاصي غاية ضعفه وغاية قوة من يعصيه، فالهجر في المضاجع هو بالرجوع إلى هذا